حقوق الإنسان في الشرق الأوسط والعالمالأخبارحقوق الإنسان في اليمنفعاليات وانشطةفعاليات وندوات

محور المقاومة منظمة إقليمية لفرض احترام القانون – مداخلة أ ناصر قنديل في ندوة “7 أكتوبر مشروعية الاستقلال وطرد الاحتلال”

تحية لروح الشهيد المقدس سماحة السيد حسن نصرالله وارواح شهداء حركات المقاومة على طريق القدس وكل الشهداء.

تحية لليمن العزيز رافعا راية للحق بيد لا ترتجف وأقدام ثابتة لا تزل ولو زالت الجبال بقيادة القائد الاستثنائي سماحة السيد عبد الملك الحوثي حفظه الله.

تحية لغزة ملحمة البطولة الأسطورية بصمود شعبها وبسالة مقاومتها، ووصمة عار لا تمحى عن جبين الإنسانية البلهاء والخامدة بلا روح ومجتمع دولي مصاب بأمراض العنصرية والجبن والضعف وازدواجية المعايير.

شكرا لرئيس وأعضاء المركز اليمني لحقوق الإنسان على هذه المبادرة.

أيها الزملاء المشاركون.

سأحاول في مداخلتي هذه أن أعالج فكرة ” المقاومة أداة دولية لفرض القانون”.

 

مقدمة:

لم تكن مشكلة البشرية تدور حول إيجاد حلول نظرية لقضايا حقوق الإنسان وحقوق الشعوب أو تعريفها، قبل أن تتم صياغة النصوص التي تتضمنها المعاهدات الدولية التي تضمنها ميثاق الأمم المتحدة، أو القانون الدولي الإنساني، أو قوانين الحرب، وحقوق الأسرى وحقوق الشعوب في ظل الاحتلال، وحق السيادة وحق تقرير المصير وحق الدفاع المشروع عن النفس، وحق مقاومة الاحتلال، وقبل أن يتم إنشاء مؤسسات دولية تتولى نظريا السهر على تطبيق هذه العهود والمعاهدات والمواثيق، ومساءلة من ينتهكها، من إنشاء عصبة الأمم، إلى تأسيس الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي، ومحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولي.

لقد حفل تاريخ البشرية بالأجوبة الواضحة الجامعة على مضمون الحقوق الواجب صيانتها للأفراد والجماعات، ولعل من يعود الى القرآن الكريم والأحاديث الشريفة للرسول الكريم والسيرة التي سلكها الرسول في تطبيق هذه النصوص، سوف يجد ما يفيض عن حاجته في الوضوح، وقبل الإسلام وإلى جانبه وبعده، كم هائل من المعالجات التي تدور حول ما خلقه الله من فطرة في البشر عنوانها أن الله خلق الناس أحرار، وجعل الحرية حقا مقدسا لهم، واجب الحفظ والصيانة.

القضية كانت دائما في غياب المرجعية التي ترعى وتفرض بنزاهة تطبيق هذه النصوص التي تنظم الحقوق وتعرفها، أو عندما توجد مثل هذه المرجعيات تظهر مشكلة عجزها مرة أو اعتمادها المعايير المزدوجة مرات، وتحولها الى أداة تستر على انتهاك الحقوق الثابتة والمعترف بها في أغلب المرات.

قرن من المظالم باسم القانون:

يسهل الإكتشاف أن القرن الماضي الممتد منذ نهاية الحرب العالمية الأولى مع عشرينيات القرن العشرين، كان قرن المظالم بامتياز، وقد تم خلاله احتلال دول وإبادة شعوب، وتقسيم أمم وتفتيت جغرافيتها والسطو على موروثها الثقافي، ودمرت لغات حية، وشنت حروب وهجرت شعوب، وفي الغالب كان من يقف وراء صناعة هذه المظالم الدول التي كانت تقف على رأس النظام العالمي المسؤول عن رعاية القانون الدولي وتطبيق المعاهدات الدولية التي تمت صياغتها تحت شعار تحقيق الأمن والسلم الدوليين، وحل النزاعات بصورة سلمية، وحفظ حقوق الجامعات والأفراد وفي قلبها حقوق الإنسان بكل مندرجاتها.

بصورة متوازية يسهل الاكتشاف أن حجم الورق والحبر المستعملين في صياغة معاهدات جديدة تحت شعار حقوق الإنسان وحقوق الشعوب، ومثلها صياغة قرارات وتوصيات ومشاريع اممية لترجمة هذه الحقوق بإجراءات، بلغت أطنانا تكفي لحمولة سفينة عملاقة، لكن ذلك كان يجري بالتوازي مع انتهاكات سفكت فيها أنهار من الدماء وقتلت فيها ملايين الأرواح وظلمت خلالها العديد من الشعوب، بما يؤكد أن المشكلة لم تكن في إيجاد مزيد من النصوص، ولا في تشكيل المزيد من المؤسسات، بل في غياب الإرادة، والغياب هنا ليس ضعفا ولا عجزا، بل هو ترجمة لقرار متخذ بكامل التصميم والإصرار حول فهم دور النصوص والمؤسسات من القيمين على إدارة العلاقات الدولية والنظام العالمي والمنظمات الدولية،  وغياب الإرادة المتعمد هو الترجمة الفعلية لمفهوم هؤلاء للقانون الدولي والمنظمات الدولية، كجزء من أدوات السيطرة والهيمنة على العالم، بحيث لا يركن إلى ما ينتج عن هذه المرجعيات العالمية ويأمل منها خيرا، الا ساذج أو جبان، ولا يدعو لمثل هذا الركون والرهان الا عميل او مستفيد أو مريض العقل والنفس.

تجربة لبنان مع العدوان

شهد لبنان على التوالي عامي 1978 و1982 اجتياحا من جيش الاحتلال الصهيوني لأراضيه، وصدر عام 1978 القرار 425 عن مجلس الأمن الدولي الذي ينص صراحة على وجوب انسحاب قوات الاحتلال فورا من الأراضي اللبنانية حتى الحدود المعترف بها دوليا، لكن الاحتلال بقي حتى العام 2000 على أغلب الأراضي اللبنانية المحتلة، حتى نجحت المقاومة بطرده منها، وهو لا يزال في بعض منها في تلال كفرشوبا ومزارع شبعا رغم نص القرار 1701 على تكليف الأمين العام للأمم المتحدة بإيجاد حل لقضية المزارع خلال ثلاثة شهور من تاريخ صدور القرار، وهكذا امتد الانسحاب الفوري 18 عاما، وامتدت الشهور الثلاثة 18

عاما أخرى، وها نحن في قلب حرب جوهرها العدوان الصهيوني الإجرامي المتوحش على غزة واستطرادا على لبنان، وهو يتواصل يوميا أمام عيون البشرية كلها ويبث على الهواء على مدى سنة كاملة، ويكفي أن نستمع الى كلمات مفوض السياسة الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل، وهو أحد أركان هذا النظام العالمي الحاكم والمسؤول عن تطبيق القوانين والمعاهدات، يقول، العالم كله يتوسل الى نتنياهو طلبا لوقف النار ونتنياهو يواصل الحرب، والسبب ليس قوة كيان الاحتلال الخارقة للطبيعة، بل ما يحصل عليه هذا الكيان من أسباب قوة وحماية من القوة التي تقود النظام العالمي ممثلة بالولايات المتحدة الأميركية، التي لا ترى في جرائم الكيان الا اداة لتطبيق السياسة، والسياسة هنا هي اخضاع شعوب المنطقة وفرض الهيمنة عليها، وهي المهمة التي جرى انشاء الكيان لتحقيقها.

المقاومة أداة فرض تطبيق القانون

بالرغم من حجم لبنان الصغير مساحة وموارد وعدد سكان، وانقساماته السياسية والطائفية، والحروب الأهلية المدمرة التي عصفت فيه، ودولته الضعيفة، نشأت من معاناته مع الاحتلال والعدوان مقاومة شكلت الوصفة الوحيدة الناجعة للتخلص من الاحتلال، وقد نجحت هذه المقاومة بتحرير أغلب الأراضي المحتلة في أصعب الظروف الدولية والإقليمية، أي بعدما تحول العالم كله الى حديقة أميركية، وبعدما صار الوضع العربي مروضا وجاهزا للقبول بشرعنة كيان الاحتلال، وكررت هذه المقاومة عام 2006 تسطير ملحمة بطولية في ظروف مشابهة، تصدت خلالها لعدوان أراد تجريد المقاومة من سلاحها ومعاقبة لبنان على تقديمه المثال في قدرة المقاومة كمشروع على مواجهة العدوان، مسجلة نصرها التاريخي والإلهي، كما وصفه سيد المقاومة الشهيد سماحة السيد حسن نصرالله.

عندما بدأ العدوان على غزة، وهب القيم الأميركي على النظام العالمي لتقديم التغطية والمؤازرة، كان المشهد المطلوب تكرار لما اعتاده الأميركي من ردود الأفعال العربية الأقرب للجسد الميت، وبأحسن الأحوال مذياع سيارة معطلة، ظاهرة صوتية بالتنديد والمناشدة بلا روح وبلا جسد، لكن كل الشعوب التي خبرت تجربة المقاومة في لبنان واليمن والعراق كانت تدرك أن هذا العدوان ليس إلا طليعة مشروع كامل لإعادة فرض الهيمنة على المنطقة وسحق قوى المقاومة فيها، كما كانت تدرك أن انتصاراتها تلزمها باعتماد سلوك يتطابق مع مفاهيم الحق التي بشرت بها، فكانت الوقفة المجيدة لمحور المقاومة، مقابل خنوع رسمي عربي مشين ومخزي، وتهرب  دولي من تحمل المسؤوليات التي تفرضها النصوص والمواثيق والمعاهدات والقرارات.

نجح محور المقاومة خلال عام،  مع تضحيات هائلة تجسدت بخسارة قادة كبار بين صفوفه يتقدمهم الشهيد القائد السيد حسن نصرالله والشهيد القائد اسماعيل هنية، إضافة لعشرات  آلاف الشهداء، بفرض معادلة جديدة قوامها، أن ثمن وقف القتل لا يمكن أن يكون الاستسلام للقبول بتوقيع صك العبودية، بل ان التوازن القائم الآن إن لم يكن يسمح بمحاكمة المجرم والقاتل وفرص انتصار كامل للحق، فهو كاف لمواصلة القتال حتى فرض إنهاء الحرب الاجرامية دون التفريط بأي من الحقوق الأساسية للشعوب، وفتح الطريق نحو توازنات جديدة تتيح ظروفا أفضل لمواصلة القتال حتى التحرير الكامل للأرض ودحر مشروع الهيمنة والعدوان عن بلادنا.

إن جوهر ما يجب أن تعرفه شعوبنا هو أن المقاومة ليست أداة حربية من خارج النظام القانوني الإنساني، بل هي أداة الشعوب لفرض القانون، بإلزام المعتدي المحتل والمستعمر باحترام معاييره، و ما يجب أن يدركه القادة والمفكرون في محور المقاومة أن محور المقاومة هو منظمة إقليمية لفرض احترام القانون الدولي الإنساني في ظل غياب الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي عن مهامها، والسطو الأميركي والغربي على منظمة الأمم المتحدة وما يتفرع عنها من هيئات تعنى بتطبيق القانون، ويكفي النظر للعقوبات التي يطبقها اليمن على السفن المتجهة نحو موانئ كيان الاحتلال، باعتبارها تطبيقا لقرار وقف العدوان على غزة وفق  الفصل السابع لإلزامه بتنفيذ القرار.

،،،

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى