التقاريرتقارير صادرة عن المركز

الذكرى الثانية لمجزرة الصالة الكبرى بالعاصمة اليمنية صنعاء

لتزيل التقرير كامل : تقرير_الذكرى_الثانية_لمجزرة_القاعة

جرائم قوات التحالف بقيادة السعودية في اليمن

الذكرى الثانية لمجزرة الصالة الكبرى بالعاصمة اليمنية صنعاء

المركز اليمني لحقوق الإنسان

8 أكتوبر 2018

هذه هي الذكرى الثانية لمجزرة الصالة الكبرى (مجزرة عزاء آل الرويشان) بالعاصمة صنعاء تمر دون محاسبة لمرتكبيها، ودون وقف استهداف قوات التحالف للمدنيين في اليمن، ودون توقف المجازر والانتهاكات للقانون الدولي الانساني، ودون توقف الحملة العسكرية على اليمن، ودون رفع للحصار الخانق البري والبحري والجوي على الشعب اليمني، بل تمر مع عدد أكبر من المجازر، وعدد أكبر لقتل المدنيين، وعدد أكبر للانتهاكات للقانون الدولي الانساني، وتمر مع ازدياد الوضع سوءاً، وتمر مع وضع صحي واقتصادي غاية في السوء، فمن لا يموت بقصف الطيران يموت بالمرض أو الجوع ،فماذا ينتظر المجتمع الدولي ليوقف هذا التحالف وينهي المظلومية اليمنية؟؟!!.

مجزرة الصالة الكبرى في صنعاء


مجزرة عزاء آل الرويشان بالقاعة الكبرى بأمانة العاصة صنعاء 8-10-2016م

قبل 8 أكتوبر 2016، كان مصطلح “الصالة الكبرى” يُذكَر كمجلس للأفراح والمناسبات في العاصمة اليمنية صنعاء، ثم أحاله قصف طائرات قوات التحالف الجوي إلى موقع لـ “الحادثة الكبرى” لإحدى المجازر الكبيرة التي قامت بها قوات دول تحالف العدوان بحق المدنيين في اليمن.

 

 

 

ملخص

مجزرة عزاء آل الرويشان بالقاعة الكبرى بأمانة العاصة صنعاء 8-10-2016م

قامت المملكة العربية السعودية بتكوين حلف بقيادتها مع دول أخرى أبرزها الإمارات العربية المتحدة اسمته قوات التحالف بشن حملة عسكرية على اليمن، وذلك يوم الخميس بتاريخ 26 مارس 2015م، كما فرضت حصاراً برياً وبحرياً وجوياً على اليمن.

وقامت قوات التحالف هذه بارتكاب عشرات المجازر والانتهاكات للقانون الدولي الانساني في مختلف المحافظات اليمنية، فقد استهدفت المدنيين العزل والتجمعات المدنية عشرات المرات.

وخلقت قوات تحالف دول العدوان كارثة إنسانية وملايين المحتاجين والفقراء والجوعى والمشردين، في أسوأ أزمة إنسانية، كما تصفها التقارير الحديثة لمنظمات الأمم المتحدة.

استهدف التحالف في حملته العسكرية على اليمن كل ما حرمه القانون الدولي الانساني منها المدارس والمستشفيات والمطارات ومجالس العزاء والأعراس والأحياء السكنية والمساجد والمعالم الأثرية والبنى التحتية والشركات والمصانع والمقابر والأسواق والمحلات التجارية ومحطات الوقود والنفط وآبار المياه واللاجئين والنازحين وقوارب الصيد والصيادين ..الخ، وما زال مستمراً في ذلك.

تعتبر الولايات المتحدة طرفا مع السعودية في العدوان على اليمن بعد وقت قصير من بدء الحملة العسكرية في مارس/آذار 2015، من خلال توفير الدعم التشغيلي المباشر لعمليات التحالف الجوية، كما أنها تقدم التزود بالوقود جوا لطائرات التحالف في مهام القصف، وتقدم الدعم الاستخباراتي. كما تظهر الأسلحة أمريكية الصنع في العديد من موقع الانتهاكات. فالدعم التشغيلي الأمريكي للغارات الجوية لقوات التحالف يجعل الولايات المتحدة متواطئة في انتهاكات قوانين الحرب، في حين أن استمرار مبيعات الأسلحة إلى السعودية يعرض المسؤولين الأمريكيين للمسؤولية الجنائية.

وفقا لـ “الأمم المتحدة” يعاني نحو 1.8 مليون طفل يمني من سوء التغذية الحاد، وهناك أكثر من مليون حالة مشتبه بأنها كوليرا، و8.4 مليون يمني على حافة المجاعة. مع ذلك، بقيت الحكومة البريطانية واحدة من أقوى الداعمين للسعودية والتحالف الذي يقوده الخليج. فقد قدمت دعما غير نقدي إلى حد كبير لدور السعودية في الحرب، فضلا عن بيع السعودية معدات عسكرية بقيمة 4.6 مليار جنيه استرليني خلال هذه الفترة، ما بدا أنه تجاهل لقواعدها الخاصة حول عدم بيع الأسلحة عندما يحتمل أن تستخدم بشكل غير قانوني.

وبعد مرور 3 أعوام من بداية العدوان على اليمن وخلال الزيارة الأخيرة التي قام بها ولي العهد السعودي ووزير الدفاع محمد بن سلمان إلى بريطانيا فرش الوزراء البريطانيين السجادة الحمراء لمحمد بن سلمان وتحدثوا عن وعوده بالإصلاح، وأعدوا صفقات الأعمال ووافقوا على حزمة مساعدات، كما أجازوا بيع 48 طائرة مقاتلة إلى السعودية.

وقائع الحادثة


مجزرة عزاء آل الرويشان بالقاعة الكبرى بأمانة العاصة صنعاء 8-10-2016م

في الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول 2016 كانت “الصالة الكبرى” الكائنة في شارع الخمسين في حيّ حدة بالعاصمة صنعاء عنواناً لتجمع مئات اليمنيين والذي تبلغ سعتها حوالي 1000 شخص، بينهم قيادات ومسؤولون وشيوخ قبائل ومدنيون وعسكريون، حضروا لتقديم العزاء بوفاة “علي الرويشان” والد وزير الداخلية آنذاك “جلال الرويشان” وباعتبارها مناسبة إنسانية واجتماعية، فلم يكن هناك توقع باستهدافها من قبل التحالف، إذ كان العزاء معلناً ووجهت إليه دعوة على مواقع التواصل الاجتماعي، وعادة في اليمن، تشهد مآتم الشخصيات العامة حضورا كثيفا وتكون مفتوحة لجميع الذكور. ويعتبر الوقت بين الثالثة والرابعة عصراً بتوقيت صنعاء بمثابة “وقت الذروة”، كما هو معتاد في مجالس العزاء والمناسبات الاجتماعية المختلفة. وبينما كانت “الصالة الكبرى” تكتظ بالمئات من المُعزين، فوجئ الحاضرون ومعهم سكان المناطق القريبة بسقوط صاروخ أطلقته مقاتلة حربية تابعة للتحالف، في حدود الثالثة وعشرين دقيقة، قتل من قتل وجرح من جرح ونجا من نجا. وبعد نحو سبع دقائق جاء الصاروخ الثاني، مستهدفاً المسعفين والجرحى والعالقين بين الركام، مخلفاً مشهداً دامياً من القتلى والأشلاء والجرحى والحرائق. حيث قال جميع الشهود أنه حوالي الساعة 3:30 بعد الظهر، اخترقت وحدتا ذخيرة ملقاة جوا سقف القاعة وانفجرتا بفارق بضع دقائق بينهما.

كما أظهرت الصور ومقاطع الفيديو الملتقطة بعد الهجوم جثثا محترقة ومشوهة متناثرة داخل وخارج القاعة، والمبنى مدمر، ورجال إنقاذ يحملون جثثا إلى سيارات إسعاف. وقد ذكرت “أطباء بلا حدود” قيام 6 مشافي تابعة لها بعلاج أكثر من 400 جريح.

بلغ عدد القتلى 115 شخص حسب تصريح وزارة الصحة، و132 شخص قتيل حسب مصادر أخرى، بينهم 11 مفقود تم الإبلاغُ عن فقدانهم من قبل ذويهم، ويُعتقد أنهم أولئك القتلى الذين أصابتهم الصواريخ بشكل مباشر فأحرقت أجسادهم بالكامل حتى لم يتبقَّ منها شيءٌ، كما كان هناك مفقودون لم يتم الإبلاغ عنهم يتجاوز عددهم العشرة أشخاص، ووفقاً لمصادر رسمية فإن أولئك المفقودين المنسيين هم من المتسولين وبعض الذين يحضرون لإلقاء قصائد مديح أَوْ ما شابه؛ بهدف الحصول على المال من قبَل المتواجدين بالصالات لأداء واجب العزاء أَوْ من قبَل ذوي المتوفين الذين يتم فتحُ العزاء بوفاتهم.

أما عدد الجرحى فقد بلغ 610 حسب وزارة الصحة و799 شخص حسب مصادر أخرى، كما هناك 34 من الجرحى حالتهم حرجة ويحتاجون للسفر إلى الخارج، فقد تعرض الجرحى لإصابات مختلفة، وبعضُهم توفي بعدَ أيام أَوْ أسابيع أَوْ شهور من الجريمة متأثرين بالإصابات والجروح التي تعرضوا لها، ومعظمُ القتلى الذين قضَوا بسبب إصاباتهم توفوا بسبب الحصار الذي أثّر على إمْكَانات المستشفيات، وكذلك بسبب حظر مطار صنعاء ومنع طائرات تابعة لمنظمات من الهبوط بالمطار لإجلاء الجرحى.

وليست هذه الحصيلة التي تعبر بشكل نهائي عن الرقم الحقيقي؛ بسبب الظروف التي رافقت الجريمة الفظيعة، منها احتراق جثث بشكل كامل ووجود عشرات القطع من الأشلاء لأشخاص متعددين.

أغلب الضحايا من المدنيين. وقد قضت شخصيات وقيادات بارزة، أبرزها محافظ أمانة العاصمة اللواء (عبد القادر علي هلال)، وقائد قوات الاحتياط اللواء (علي بن علي الجائفي)، ورئيس لجنة التهدئة بشقها اللواء (أحمد ناجي مانع)، وعضو اللجنة (علي الذفيف)، والعديد من القيادات والمسؤولين الآخرين.

كما تم يوم الجريمة انتشالُ 138 قطعةً من أشلاء أشخاص قتلوا وأشخاص أصيبوا وفقدوا أعضاء كاملة من أعضاء جسدهم.

إن استهداف “مجلس عزاء” يعتبر أمراً مرفوضاً لكافة الأعراف والتقاليد الاجتماعية اليمنية والدولية، فضلاً عن العدد الكبير من الضحايا، والذين ينحدرون من مواقع مسؤولة ومحافظات وقبائل متفرقة.

عصر ذلك اليوم، تناثرت أشلاء القتلى والجرحى في كل مكان، فيما وصل العديد من الجثث المتفحمة إلى مستشفيات العاصمة، التي تعالت منها نداءات استغاثة للمواطنين تدعوهم إلى التبرع بالدم للجرحى. فقد استهدف صاروخ المعزين، ثمّ جاء الصاروخ الثاني ليستهدف المسعفين والجرحى العالقين تحت الأنقاض.

وبعد كل مجزرة يرتكبها التحالف يسرع للتبرير لنفسه وإيجاد الأعذار الواهية، فقد نفى التحالف ارتكابه هذه المجزرة ولكنه أقر بعدها وبرأ نفسه محملاً «مركز توجيه العمليات الجوية في الجمهورية اليمنية» مسؤولية السماح بشن الغارات، و«رئاسة هيئة الأركان العامة» مسؤولية إعطاء الطائرات «معلومات مغلوطة عن أهداف عسكرية». وألقى اللوم على حليفه الرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي، مانحاً نفسه صك البراءة من المسؤولية القانونية عن ارتكاب الجريمة، ولسنا ببعيدين عن مجزرة طلاب ضحيان التي اعترف التحالف أيضا بها وبرر لنفسه بأنه استهدف الحافلة التي تحمل من يحملون الصواريخ ويطلقونها ويخططون!!، هذه هي عادة قوات التحالف في كل مجزرة يرتكبها.

أسماء قتلى وجرحى المجزرة كالتالي:

أقوال الشهود والضحايا

مجزرة عزاء آل الرويشان بالقاعة الكبرى بأمانة العاصة صنعاء 8-10-2016م

(عمار الجبري) أحد الشهود بل والناجين من الحادثة والذي كان يعمل كمنشد في العزاء يقول ” جاء الوفد الأول وخرج، وجاء الوفد الثاني وخرج، وجاء الوفد الثالث والرابع والخامس وخرجوا، ليدخل بعدها الوفد الأخير من المعزين إلى القاعة، وحينها شعر من تبقى من الحاضرين بهزة أرضية كبيرة لم يتوقعوا أنها نتيجة لقصف صاروخي”.

(محمد الماروي) سكرتير وزير الداخلية اليمني وأحد الشهود أكد أن “القاعة الكبرى لم تكن قاعدة عسكرية وإنما كانت مكانا لتقديم العزاء، وقد أتت أعداد هائلة في ذلك اليوم لتقديم العزاء بوالد الرويشان”، وأضاف الماروي أنه “لدى وصوله إلى صالة القاعة الكبرى كان مدخل البوابة الشرقية مزدحما، ما اضطره للتوجه إلى مدخل آخر يقع في جهة الشمال والانتظار قليلا حتى يخف الزحام، ووقتها حدث الانفجار”.

(عبد السلام النواب) المدير التنفيذي لمنظمة الشرق الأوسط للحقوق والحريات صرح أنه “لدى تنفيذ التحالف الغارة الجوية على القاعة الكبرى، كان يتواجد في الأخيرة الآلاف من المدنيين اليمنيين الذين ينتمون إلى كافة الفئات والأطياف في البلاد”، ولفت النواب إلى أن “التحالف بقيادة السعودية نفذ ضربتين جويتين على القاعة الكبرى في صنعاء، حيث أن التحالف نفذ الضربة الثانية على القاعة عند سماع دوي الانفجار الأول، وتوجه سيارات الإسعاف والفرق الطبية إلى المكان لنقل الجرحى”.

(ماجد نوفل) مسؤول عمليات الطوارئ في الهلال الأحمر اليمني أفاد أن “يوم الحادثة كان طبيعيا جدا منذ ساعات الصباح الأولى، لكن فجأة تلقوا اتصالا من عمليات وزارة الصحة مفاده أن انفجارا ناتجا عن هجوم صاروخي وقع في الصالة الكبرى في صنعاء، الذي يجري فيها تقديم التعازي بوالد وزير الداخلية”، موضحا أنه “لحسن الحظ كانت إحدى سيارات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر قريبة من مكان الحادث”، وتابع نوفل أن “عناصر الهلال الأحمر كانوا وهم ينقلون الجرحى وأشلاء القتلى يشعرون بالخوف والصدمة لهول الحادثة وحجم الكارثة الإنسانية التي وقعت في ذلك اليوم”.

(إلياس مانع) أمين عام الهلال الأحمر اليمني شرح كيف كانت “عملية دخول القاعة من مدخلها الرئيسي صعبة، لا سيما أن معظم الجرحى كانوا قريبين من المدخل”.

يروي المدني (عمار) لحظات ما بعد القصف ويقول “كان مكان مشتعل بكثرة يصعب على أي واحد من الموجودين أن يقترب منها واتضح فيما بعد أن أعمامي الاثنين وعيال أعمامي كانوا هناك، كنت أصيح بعلو صوتي، أناديهم، يا حسين زياد، يا عبدالعزيز، يا أمين، يا طه، قلت ربما أحدهم مازال حي ويرد عليا، ولكن لا حياة لمن تنادي”، ويواصل عمار “لم أقتنع، اتصلت أسأل (خالد) الجريح: يا خالد هل شفت أحد منهم بعد الصواريخ؟ رد وهو فاقد الأمل: خلاص لا عاد تدور، الصاروخ كان مكانه بينهم تماماً، حينها اسودت الدنيا في وجهي، وكان الخبر كالصاعقة التي قسمتني نصفين، كنت على أمل أن أجدهم”، وأضاف عمار “كنت اقنع نفسي رغم بحثي وكلام خالد بأًني سأجد أحدهم، ورجعت أبحث من جديد وأنا أعتصر ألم عليهم وعلى تلك المناظر، وكنت أصيح في كل الموجودين: (إذا لقيتوا واحد بيتحرك لا تفلتوه خرجوه اسعفوه وبعدا سهل اتعرفوا عليه)، بعدها دخل بقية أبناء عمومتي أهل القرية، وكنا نخرج الجثث حتى الساعة الثامنة ليلاً ولم نجد لهم أدنى أثر”.

يستمر عمار في رواية الحادثة “خرجنا من القاعة كلنا بعد جهد جهيد دونما فائدة، وتوزعنا على المستشفيات قلنا عسى نلقاهم جرحى أو في ثلاجات الموتى، وطول الليل واحنا نبحث ونلف مستشفيات العاصمة حتى العيادات الخاصة والمراكز الطبية، وفي الساعة الثانية ليلاً وقد وجيهنا مصفرة كلنا وكأننا بعثنا من القبور ذهبت لمستشفى الشرطة وقد بحث الجميع فيه لأكثر من مره لكني أصريت للذهاب إليه ثانية فقلبي يحدثني أني سأجد شيء هناك”، وأضاف عمار “وصلت لباب المستشفى ولقيت بعض من أهلي ودخلت معهم رأينا جثث ملامحها مطموسة تماماً، وكنا نعيد الكرة ونلف وندور على نفس الجثث، كانت إحدى الجثث ذات رأس منقسم نصفين لم تتضح صورته لكن قلبي كان يخفق بشده، كلما مريت بتلك الجثة أحسست بشيء يشدني لها، فقلت لحارس الثلاجة: (لو سمحت أريد كفوف طبية) ولبستها على الفور ومسكت الوجه من الجانبين وجمعت النصفين رتبت تقاسيم الوجه بصعوبة وطلع ابن عمي أحد من نبحث عنهم، إنه (أمين عبدالله زياد)، اتصلنا بالبقية وجاء الجميع وتعرف ابن عمي (صدام حسين زياد) على يده وقال: (نعم هذا أمين)، وعرف كذلك الشال الذي أخذه منه أمين قبل الذهاب للقاعة، أما عمي (حسين زياد) فلم نجده إلا في اليوم الثالث في المستشفى العسكري وهو جثة محترقة لا ملامح ولا أي دليل يثبت أنها له إلا فقط ساعته!!، وهكذا وجدنا اثنين ولم نجد عمي عبد العزيز ولا طه”.

وقال أحد الشهود: “عندما وصلت، كانت هناك أكثر من 50 جثة محترقة يمكن التعرف على ملامحها، لكن مع اختفاء نصف الجسد واختفاء نصف الرأس، أما الباقين فكان من الصعب جدا معرفة من كانوا”. وقال آخر أنه يعرف شخصيا أكثر من 45 مدنيا قُتل في الهجوم.

عادل الهارش البالغ من العمر 41 عاما، والذي حضر العزاء مع صديقه، يقول أن القاعة كانت “مكتظة بالناس من جميع طبقات المجتمع – عسكريين ومدنيين وشيوخ وأعيان وصحفيين”. قرر عادل وصديقه المغادرة بعد رؤيته للازدحام، لكنه عانى من صعوبة الخروج مع محاولة الحشود الدخول، يضيف عادل إنه حوالي الساعة 3:30 عصرا، وأثناء سيرهم خارجا، سمع صوت أزيز في السماء، تلاه “انفجار ضخم”. بعد بضع دقائق، سقطت قذيفة أخرى، سمع صوت طائرة وفر من مكان الحادث.

لؤي الحيوتي البالغ من العمر 27 عاما، والذي يعمل موظف حكومي، كان يجلس في الجزء الخلفي من القاعة ويقدم العزاء إلى العائلة عندما سمع الانفجار. ضربت الذخيرة مقدمة القاعة وتسببت في انهيار السقف. قال إنه وقف واندفع هاربا من البناء.

وقال مسؤول مدني في المؤتمر الشعبي العام إنه كان يبحث عن مكان للصلاة في القاعة عندما سمع صوت طائرة واصطدام إحدى الذخائر، قال: “انفجرت القاعة، وسقطت أرضا… كان اللهب يتزايد… كنت مغطىً بالتراب والدم”.

وقال عابد الباردة الذي يعمل طبيب ويبلغ من العمر 31 عاما، إنه كان مع والده وابن أخيه و4 أشقاء داخل القاعة ينتظرون دورهم في تقديم العزاء لأسرة المتوفى عندما أطاح به الانفجار “لم أتمكن من رؤية أي شخص… كان هناك غبار ودخان وصراخ كثير. هربنا كما البقية. كانت البوابة الخلفية مغلقة لكننا خلعناها. كنا على مسافة 20 مترا من الصالة الكبرى عندما حدث هجوم آخر فجأة. سمعت صوت طائرة”، وأضاف أنه سمع الذخائر انفجار قنبلتين إضافيتين بفاصل بضع دقائق قبل أن يلوذ بالفرار من المنطقة.

قال عبد الله الشامي البالغ من العمر 35 عاما ويعمل كرجل أعمال، حيث أصيبت ساقه في الهجوم “كنت جالسا في الداخل في العزاء عندما وقعت الغارة الجوية… لم أستطع أن أرى من كان بجانبي، وكنت أبحث عن مخرج. كانت

هناك جثث وأشلاء، وبعض الناس تحت الأنقاض… كان هناك أطفال في الداخل قبل الغارة، لكن لم أستطع أن أرى أيا منهم بعدها. رأيت فقط النور وركضت نحوه للهرب”. وأضاف “أصابت القنبلة الثانية من كان يحاول دخول المبنى لمساعدة الناجين من انفجار القنبلة الأولى.

بينما ذهب رجل أعمال في الثلاثينات إلى القاعة قبل وقت قصير من الساعة الرابعة عصرا للمساعدة في جهود الإنقاذ بعد اتصال عدد من أصدقائه به، ممن حضروا الجنازة، طالبين منه المساعدة. قال إن ابن عمه، الذي كان قرب القاعة عند انفجار القنبلة الأولى، حاول الاندفاع لمساعدة الناجين. أطاح انفجار القنبلة الثانية بابن عمه بعيدا. حيث قال “كان المشهد كارثيا، يفوق قدرتي على الشرح أو الوصف لكم… كان هناك قتلى وجثث محترقة في كل القاعة… عندما وصلت إلى هناك، كانت هناك أكثر من 50 جثة محترقة، منها ما يمكنك التعرف عليه، لكن مع فقدان أجزاء كبيرة منها. أما البقية، فكان من الصعب جداً التعرف عليه”. وأضاف أنه ساعد في حمل الجثث من تحت الأنقاض ووضعها في أكياس الجثث، في حين حاول آخرون في مكان الحادث إخماد النار المشتعلة في القاعة. وأوضح أنه رأى 7 أطفال على الأقل كانوا في القاعة، بعضهم أقرباء له، وقد توفوا. وقال إن 15 من أصدقائه أو أقاربه قتلوا، وأصيب 6 آخرين. كلهم مدنيين.”

تصريحات وادانات

مجزرة عزاء آل الرويشان بالصالة الكبرى في العاصمة صنعاء 8-10-2016م

صرح الأمين العام للأمم المتحدة “بان كي مون” بأن الهجوم كان بغارة جوية، وأشار إلى أن “التقارير الأولية بشأن الهجوم على مجلس العزاء بصنعاء، تشير إلى مسؤولية قوات التحالف عنه”، في الوقت الذي طالب فيه بتشكيل لجنة تحقيق دولية في الهجوم “هذه الحادثة المروعة تتطلب إجراء تحقيق كامل”. وأضاف “كي مون” في تصريحات

للصحفيين بمقر المنظمة الدولية بنيويورك يوم الاثنين “تشير التقارير الأولية أن ما وقع بمجلس العزاء كان هجوماً لقوات التحالف” واعتبره “هجوم وحشي على المدنيين وانتهاك مشين للقانون الإنساني الدولي”، واستنكر “كان مركزا اجتماعيا معروفا من الجميع، مكتظا بالناس، بالعائلات والأطفال”، وأضاف “الأعذار جوفاء، بالنظر إلى نمط العنف خلال الصراع”،.

وأيضا قال المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد “ينبغي فعل كل شيء من أجل إحالة مرتكبي هذه الهجمات الشنيعة إلى القضاء، ولقد تأثرنا جميعا لكون هذه الهجمات وقعت في وقت تم فيه تحقيق تقدم مهم إثر مفاوضات طويلة، وفي وقت كنا نتفاوض على اتفاق دائم”.

واستنكر المفوض السامي لحقوق الإنسان، زيد بن رعد الحسين، الهجوم على العزاء. ووصف الهجوم بأنه “مشين” وكرر دعوته إلى إجراء تحقيق دولي مستقل في الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في اليمن. وقال “على المفوضية إجراء تحقيق فوري في الحادث وإطلاع مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة على نتائجه فورا”.

كما أعلنت الولايات المتحدة أنها ستعيد النظر في دعمها للتحالف العربي بعد هذه الضربة الجوية إلا أنها لم تغير موقفها في دعم التحالف حتى يومنا هذا والذي يعد بعد عامين من هذه المجزرة (مجزرة الصالة الكبرى).

مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش “سارة ليا ويتسن” قالت “بعد الغارات غير القانونية على المدارس والأسواق والمستشفيات وحفلات الزفاف والمنازل على مدى 19 شهرا الماضية، أضاف التحالف بقيادة السعودية مراسم عزاء إلى قائمة انتهاكاته المتزايدة. يجب إجراء تحقيق دولي مستقل في هذه الجريمة البشعة، بما أن التحالف أبدى عدم رغبته في الالتزام بواجباته القانونية المتمثلة في إجراء تحقيق موثوق”.

وكانت هيومن رايتس ووتش استمعت عبر الهاتف إلى 14 شاهداً على الهجوم ورجلين وصلا إلى مكان الحادث مباشرة بعد الغارة الجوية للمساعدة في جهود الإنقاذ، بالإضافة إلى مصادر أخرى، وراجعت أيضا مقاطع فيديو وصور لموقع الغارة وبقايا الذخيرة، التي كانت عبارة عن قنبلة “جي بي يو – 12 بايفواي 2” (GBU-12 Paveway II) بوزن 225 كيلوغرام موجهة بالليزر أمريكية الصنع.

وقالت هيومن رايتس ووتش “إن الغارة على مراسم العزاء تؤكد الحاجة الملحة إلى تحقيقات دولية موثوقة في انتهاكات قوانين الحرب المزعومة في اليمن. على الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وباقي الحكومات إيقاف مبيعات الأسلحة إلى السعودية. على التحالف السماح فورا بالرحلات التجارية إلى صنعاء، المتوقفة منذ أغسطس/آب، للسماح لكل مريض أو جريح بتلقي العلاج في الخارج”. أيضا قالت هيومن رايتس ووتش إنه يجب ألا يكون للسعودية مكان في مجلس حقوق الإنسان الأممي.

كذلك أدان جيمي ماكغولدريك منسق الشؤون الإنسانية في اليمن الغارات الجوية التي استهدفت “الصالة الكبرى” الخاصة بالمناسبات الاجتماعية، حيث كان يوجد آلاف الأشخاص الذين كانوا يقدمون واجب العزاء. ونيابة عن مجتمع العمل الإنساني دعا ماكغولدريك إلى إجراء تحقيق فوري في هذا الهجوم المروع. وقال إن على المجتمع الدولي ممارسة الضغط والتأثير على جميع الأطراف لضمان حماية المدنيين. وشدد على ضرورة وقف العنف ضد المدنيين في اليمن فورا. وقال ماكغولدريك إن مجتمع العمل الإنساني في البلاد أصيب بالصدمة، ويشعر بالغضب

جراء تلك الغارات الجوية التي استهدفت “الصالة الكبرى”، وقدم تعازيه لأسر الضحايا معربا عن تمنياته بالشفاء العاجل للمصابين.

وأدانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر مقتل عشرات المدنيين في العاصمة اليمنية صنعاء نتيجة هجمات عدة طالت مجلس عزاء حضره المئات من الأشخاص.

كما قال (روبير مارديني) المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأدنى والشرق الأوسط: “نحن نستنكر وقوع هذه الخسائر الفادحة في أرواح المدنيين.” وأضاف قائلًا: “لقد دفع المدنيون في اليمن بالفعل ثمنًا باهظًا على مدار العام ونصف العام المنصرم”.

كذلك أدانت إيطاليا الأحد 9 أكتوبر 2016 الهجوم الذي استهدف مجلس عزاء في صنعاء، ونقل التلفزيون الحكومي عن وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي “باولو جينتيلوني” القول إن “إيطاليا تدين بشدة القصف الذي طال مجلساً للعزاء في صنعاء”، مضيفاً أن “تصعيد الهجمات العسكرية على المدنيين أمر غير مقبول”.

وعبرت فرنسا عن “إدانتها الحازمة” للضربات الجوية على العاصمة اليمنية صنعاء وطالبت بـ “تحقيق مستقل” لكشف ملابسات هذا القصف. وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية “رومان نادال” في بيان “ان فرنسا التي تشعر “بصدمة عميقة تدين بشدة الهجوم على صنعاء وتطلب إجراء تحقيق مستقل حوله بهدف تحديد هوية المرتكبين”. مشيرا إلى ان “هذه المجزرة تؤكد مجددا الضرورة الملحة لإيجاد حل سياسي يضع حداً للحرب في اليمن”.

إلى ذلك زار السفير الروسي في اليمن “أوليغ ديريموف” يوم الاثنين 10 أكتوبر/تشرين الأول 2016م موقع الحادث، وأعربت وزارة الخارجية الروسية في بيان عن “أحر تعازيها لذوي ضحايا الهجوم” مشيرة إلى أن “مثل هذا الهجوم، الذي أدى إلى سقوط هذا العدد من الضحايا بين المدنيين الأبرياء، يثير امتعاضا وإدانة”، مشددة على أنه لا بد من “إجراء تحقيق أدق وأكثر موضوعية” في الحادث و”معاقبة منفذيه بصورة مناسبة وشديدة”.

وأدان وزير الخارجية الكندي ستيفان ديون في بيان له “الهجوم الذي استهدف قاعة عزاء في صنعاء”. مضيفا إن “على التحالف الذي تقوده السعودية أن يفي الآن بالتزاماته في إجراء تحقيق”. وتابع الوزير إن “كندا تدعو جميع الأطراف في اليمن إلى تجنب التصعيد في العنف نتيجة هذه الحادثة”. داعيا إياهم في المقابل إلى “احترام التزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي، والانخراط في حوار سياسي ووقف دائم للأعمال العدائية بهدف الحد من الخسائر المأساوية في أرواح المدنيين”.

وقال وزير الخارجية النرويجي على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) “اعزي أسر ضحايا الهجوم المروع الذي استهدف قاعة عزاء في اليمن وأدعو أن تنتهي هذه الحرب فوراً”.

قالت (هيومن رايتس ووتش) في تقرير أصدرته بتاريخ 23 أغسطس 2018م “إن التحقيقات التي أجرتها قوات التحالف بقيادة السعودية في جرائم الحرب المزعومة باليمن تفتقر إلى المصداقية، وفشلت في توفير سبل الإنصاف للضحايا المدنيين”.

وقالت (سارة ليا ويتسن) المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “على مدار أكثر من عامين، زعم التحالف أن الفريق المشترك لتقييم الحوادث كان يحقق بشكل موثوق في الضربات الجوية غير القانونية المزعومة، لكن المحققين كانوا يتسترون على جرائم الحرب بشكل أو بآخر. على الحكومات التي تبيع الأسلحة للسعودية أن تدرك أن تحقيقات التحالف الزائفة لا تحميها من التواطؤ في انتهاكات خطيرة في اليمن”.

وقالت هيومن رايتس ووتش “إن على الدول الأعضاء في التحالف الوفاء بالتزاماتها القانونية الدولية للتحقيق في الانتهاكات المزعومة ومقاضاة المسؤولين عن جرائم الحرب بشكل مناسب. على هذه الدول تعويض ضحايا الهجمات غير القانونية، ودعم نظام موحد وشامل لتقديم مبالغ مالية تعويضية على سبيل (المواساة) للمدنيين الذين يعانون من أي خسائر ناتجة عن العمليات العسكرية”.

وقالت ويتسن: “عدم قيام هيئة التحقيق التابعة للتحالف بتحقيقات ذات مصداقية أو إجراءات مناسبة يعزز الحاجة الملحة لأعضاء مجلس حقوق الإنسان الأممي إلى تجديد وتعزيز تحقيقات الأمم المتحدة في انتهاكات جميع الأطراف في اليمن”.

انتهاكات القانون الدولي الانساني

مجزرة عزاء آل الرويشان بالقاعة الكبرى بأمانة العاصة صنعاء 8-10-2016م

في بداية الأمر نفى التحالف الاتهامات الموجهة إليه بقصف العزاء الذي كان في الصالة الكبرى لكن أخيرا السعودية أقرت بشكل غير معلن بأن إحدى طائرات التحالف العسكري الذي تقوده قصفت مجلس عزاء في صنعاء، وتبرير التحالف جريمته بأنها معلومات مغلوطة من القيادات التابعة لهادي يتضح عدم مصداقيته في عدم قيام قوات التحالف بمحاسبة القيادات التي أدلت بهذه المعلومات المغلوطة، كما لم تقدم أي تعويضات لذوي الضحايا والمتضررين، وهذا يثبت عدم مصداقية التحالف في ادعاءاته.

التحالف بقيادة السعودية يتعمّد إلحاق ضرر واسع بالشعب اليمني ويتعمد الابادة الجماعية والتصفية العرقية له، وذلك واضح من خلال تكرار ارتكاب المجازر تلو المجازر، وكل مجزرة أفظع وأسوأ من سابقتها، كما لم يضمن اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. ولم يتجنب استخدام الأسلحة المتفجرة ذات الأثر واسع النطاق في المناطق عالية الكثافة السكانية، كما أن التحالف بقيادة السعودية انتهك مراراً قوانين الحرب مما يجعله مرتكبا لجرائم حرب.

تقوم قوات دول تحالف العدوان باستهداف التجمعات المدنية بشكل متكرر، فقد استهدفت تجمعات العزاء لأكثر من مرة، كما استهدفت الأفراح أيضاً حيث كانت مجزرة الصالة الكبرى بعد يوم من ذكرى مجزرة سنبان والتي استهدفت فيها طائرات قوات دول تحالف العدوان بغاراتها عرسا في مدينة سنبان بمحافظة ذمار اليمنية والتي راح ضحيتها أكثر من 115 مدني بين قتيل وجريح معظمهم نساء وأطفال، كما ارتكب التحالف مجزرة أخرى في ذات الشهر الذي استهدفت فيه الصالة الكبرى وهي مجزرة سجن الزيدية الذي استهدف فيها طيران قوات دول تحالف العدوان بقيادة السعودية بغاراته مجمع الزيدية الأمني غربي اليمن.

انتهكت قوات التحالف قوانين الحرب بسبب عشوائية الهجمات التي تقوم بها كذا بسبب انعدام التناسب فيها. فالهجمات العشوائية عديمة التمييز هي تلك التي لا تفرق بين المدنيين والمحاربين، أما الهجمات غير المتناسبة فهي الهجمات التي تلحق بالمدنيين أضراراً مفرطة بالقياس إلى المكسب العسكري المتوقع منها. فوفقا لقوانين الحرب، يكون الهجوم غير متناسب بشكل غير قانوني إذا كان يُتوقع للخسارة في أرواح المدنيين أو ضرر المباني المدنية أن تتجاوز الميزة العسكرية الملموسة والمباشرة المتوقعة من الهجوم.

تشكل انتهاكات قوانين الحرب الخطيرة المرتكبة بإرادة – أي عن قصد أو استهتار – جرائم حرب. أُعلن عن موعد ومكان انعقاد مراسم العزاء على صفحة جلال الرويشان على فيسبوك في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2016، وذُكر أنه مفتوح للعامة. وتعتبر فترة العصر، ساعة الهجوم، “وقت ذروة” في مراسم العزاء التي كانت مفتوحة للعموم، ما يعني ازدحاما كبيرا. كان على قوات التحالف معرفة أن الهجوم على القاعة سيؤدي إلى خسائر جسيمة بين المدنيين رغم تجمع عدد من القادة رفيعي المستوى.

وإلى جانب الغارات الجوية غير القانونية لقوات التحالف هناك الأسلحة المحرمة دوليا منها القنابل العنقودية ويوجد أيضا انتهاكات من نوع آخر مثل إساءة معاملة المعتقلين من قبل القوات الإماراتية والقوات التي تدعمها دولة الإمارات العربية المتحدة. ويواجه القادة السعوديون والإماراتيون، الذين تلعب دولهم أدوارا رئيسية في عمليات التحالف العسكرية، مسؤولية جنائية محتملة كمسؤولية القيادة، إضافة لما سبق فإن الحصار البري والبحري والجوي يزيد من الأزمة الانسانية في اليمن حيث تتزايد حالات سوء التغذية ووباء الكوليرا، حيث يتم منع السفن التي تحمل إمدادات طبية ضرورية للحياة ومنع أيضا البضائع المدنية.

كما لم تجر أي حكومة مشاركة في التحالف في اليمن أي تحقيقات موثوقة في جرائم الحرب المزعومة، كما يتطلب القانون الدولي، رغم تصاعد انتهاكات قانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدوليين.

استهداف قوات التحالف للصالة الكبرى التي اقيم فيها العزاء يعد جريمة حرب يجب احالة التحالف وكل من كانت له يد فيها للمحاكمة الجنائية الدولية وذلك للأسباب التالية:

اعتراف قوات التحالف باستهدافها للصالة.

الاستهداف كان بثلاث غارات ما يؤكد تعمد تحالف العدوان استهداف الصالة وابادة جميع من فيها، حيث كان الاستهداف وقت ذروة التجمع، كما كانت الضربة الثانية بعد الأولى بحوالي سبع دقائق لتستهدف من بقي وتستهدف الجرحى والمسعفين وهذا ما يؤكد تعمد قوات التحالف الإبادة الجماعية واستهداف المدنيين وقتلهم بتعمد وإصرار.

عشوائية الهجمات و انعدام التناسب فيها.

عدم احالة التحالف من قام بإعطائهم الاحداثية للمحاكمة ما يعني عدم مصداقيتهم في ما برروا به استهدافهم للصالة، وما هي منهم إلا مراوغة للتنصل عن المسؤولية والاستمرار في استهداف المدنيين.

وثقت هيومن رايتس ووتش، من خلال عمليات تحقق دقيقة للمواقع وأبحاث أخرى، 87 هجوما غير قانوني من قبل التحالف الذي تقوده السعودية، أدت إلى مقتل ألف مدني تقريبا. بعض هذه الهجمات تصل إلى جرائم حرب. كما وثقت “منظمة العفو الدولية” والأمم المتحدة وغيرها ضربات غير قانونية من قبل التحالف.

ومن أجل وصول المساعدات الإنسانية إلى اليمن فإنه لا يزال يصعب للغاية وصول السلع الإنسانية والإمدادات التجارية إلى جميع أنحاء البلاد. نظرا لخطورة الأزمة، ويحتاج اليمن إلى جهود متضافرة لتسهيل تدفق المساعدات عبر جميع الموانئ البرية والبحرية.

تقوم أمريكا وبريطانيا بالتواطؤ في جرائم الحرب من خلال تزويد السعوديين بكميات كبيرة من الأسلحة، في ظل انتهاك قوانين الحرب بشكل روتيني. ولا تقوم باعتراض علني على الغارات الجوية غير القانونية، والأرواح التي فقدت بسبب القيود السعودية على الموانئ اليمنية الرئيسية.

الخاتمة

مجزرة عزاء آل الرويشان بالقاعة الكبرى بأمانة العاصة صنعاء 8-10-2016م

مجزرة الصالة الكبرى، جريمة مكتملة الاركان، اقرار من الجاني بارتكاب الجريمة، ادانات واسعة يعتقد معها المرء أن الدنيا لن تقعد بعدها أبدا إلا بمحاسبة الجناة، ولكن اليوم بعد مرور عامان على المجزرة يكتشف المرء أنها كانت مجرد زوبعة مرت مرور الكرام دون أن تترك لها أي أثر.

لم تتخذ الأمم المتحدة ومجلس الأمن أي اجراءات بعد مجزرة الصالة الكبرى لإيقاف الحملة العسكرية على اليمن أو اجراءات لمحاسبة الجناة، وهذا الموقف الصامت واللامبالي لم يكن تجاه مجزرة الصالة الكبرى فقط بل تجاه كل المجازر التي قام بها التحالف منذ بدء حملته العسكرية في 2015 إلى اليوم.

المنظمات الدولية اكتفت بالإدانة وبعض التقارير والتصريحات ثم تعود لسباتها إلى أن تحدث مجزرة أخرى لتظهر مرة أخرى تدين وتصرح وتصدر بعض تقارير وتعود لسباتها وهكذا دون وجود أي ضغط على قوات التحالف أو على الأمم المتحدة ومجلس الأمن لاتخاذ خطوات عملية جادة لإنهاء الأزمة الإنسانية في اليمن ووقف الحملة العسكرية ورفع الحصار وإيصال الغذاء والدواء.

التوصيات

إلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة:

* تكوين لجنة تحقيق مستقلة ومحايدة للتحقيق في هذه المجزرة وجميع المجازر التي ارتكبها التحالف في اليمن.

* ادانة جميع الانتهاكات والمجازر في اليمن.

* وضع حد لوقف العدوان على اليمن ووقف الحملات العسكرية ورفع الحصار.

* فتح المطارات ومنع استهدافها لتسهيل نقل الجرحى وغيرهم.

* محاسبة مرتكبي الجرائم بإحالتهم للمحكمة الجنائية الدولية ومحاكمتهم.

* إلزام دول تحالف العدوان وكل من شارك فيه تعويض ذوي الضحايا والمتضررين جراء القصف التعويض العادل وإعادة الاعمار.

* دعم تجديد وتعزيز “فريق الخبراء المعني باليمن” التابع لـ “مجلس حقوق الإنسان” الأممي.

إلى مجلس الأمن الدولي:

* ادانة جميع الانتهاكات والمجازر في اليمن.

* وضع حد لوقف العدوان على اليمن ووقف الحملات العسكرية ورفع الحصار.

* محاسبة مرتكبي الجرائم بإحالتهم للمحكمة الجنائية الدولية ومحاكمتهم.

* إلزام دول تحالف العدوان وكل من شارك فيه تعويض ذوي الضحايا والمتضررين جراء القصف التعويض العادل وإعادة الاعمار.

* فرض عقوبات محددة الهدف على كبار قادة التحالف الذين يتقاسمون أكبر قدر من المسؤولية عن الانتهاكات الجسيمة المتكررة كالسعودية والإمارات.

إلى الحكومة اليمنية:

* سرعة الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية.

إلى الدول الموردة للسلاح إلى قوات التحالف بقيادة السعودية على رأسها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة واستراليا وألمانيا ..الخ:

* التعليق الفوري لمبيعات الأسلحة إلى السعودية.

* تغيير نهجها في التعامل مع السعودية ومع القضية اليمنية.

* القيام بجهود دبلوماسية علنية وقائمة على المبادئ تجاه اليمن.

* النظر بشكل مباشر في انتهاكات قوات التحالف بقيادة السعودية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى